في ذلك اليوم، كانت ابنة عمتي تحدق في رسم الشموع بعينيها المحمرتين وكأنها لم تنم لثلاثة أيام متواصلة. فجأة، وبصوت "طاخ"، رمت هاتفها على الأرض، وتحطم شاشته حتى صار كشبكة عنكبوت. جلست منهارة على الأرض، وصوتها يرتجف: "انتهى كل شيء، خسرت كل فلوسي..."

في تلك الأيام، كان الجو في البيت خانق لدرجة لا تطاق. البنت اللي كانت تحب الغناء، أغلقت على نفسها باب الغرفة وما كانت تأكل ولا تشرب. لما جبت لها الأكل، ما فتحت الباب. لي تقريباً عشر سنوات في تحليل التداول، وشفت كثير من هالمواقف — قبل دقيقة كان ينشر صورة أرباحه في القروب، وبعدها اختفى بدون أي أثر. وقتها قلت لنفسي، إذا تجاوزت الصدمة، لازم أبعدها عن هذا السوق.

مين كان يتوقع إنه بعد شهرين، تمد لي هاتفها. لمحت الرصيد بنظرة — يا ساتر، ست خانات؟! مو بس غطت الخسارة اللي فوق ثلاثمئة ألف، حتى ربحت كم ألف زيادة. انصدمت وقلت: "ربحتي في اليانصيب؟"

هزت رأسها بابتسامة مرة. ما فيه شي اسمه حظ، كله دروس قاسية اشترتها بفلوسها. الرجعة هذي وراها كم قاعدة ذهبية — وهي نفس النصائح اللي أقولها دوم للمبتدئين: في هالمجال، أهم شيء إنك تحمي راس مالك أولاً وأخيراً.

**القاعدة الأولى: لا تحط كل فلوسك، الاستثمار في الصفقة الوحدة ما يتعدى ربع المحفظة**

ابنة عمتي كانت من النوع اللي يدخل بكل شيء مرة وحدة. يجيها خبر عن عملة، تدخل بكل رأس المال بدون تفكير. لو ارتفع السعر، تحس نفسها على مشارف الحرية المالية؛ ولو نزل، تسكت وتتأمل يرجع السعر. الخسارة الكبيرة جتها لما سمعت خبر إن عملة معينة بتصعد، ودخلت فيها بكل الفلوس. خلال ثلاثة أيام، نزل السعر ٤٠٪‏، وما قدرت حتى تخرج، وخسرت أغلب رأس مالها.

الحين صارت أذكى.